الإسلام دين الجماعة، وكثير من فرائض الإسلام وتكاليفه هي فرائض اجتماعية كفائية المخاطَب بها الأمة.
ويستحيل إقامتها دون الجماعة وأمة ووطن ونظام ودولة واجتماع؛ ولذلك كان اندماج الفرد في الإسلام إنما يتم في الجماعة والأمة.
ولم يعرف الإسلام فكرة الاندماج والفناء في الله -كما هو الحال في النصرانية والتصوف الباطني- وكانت رهبانية الأمة الإسلامية الجهاد، وليس العزلة الفردية، وإدارة الظهر للجماعة والاجتماع والحياة والدنيا.
ولهذه الحقيقة الإسلامية، أقام الإسلام وأنجز للمؤمنين به الوحدة والاتحاد في خمسة جوامع مثَّلت الإنجاز الوحدوي، الذي تميز به المسلمون -كهوية جامعة وثابتة- عبر تاريخهم الطويل.
وهذه الجوامع الخمسة هي: الوحدة في العقيدة.. والشريعة.. والأمة.. والحضارة.. ودار الإسلام.
وفي إطار كل جامع من هذه الجوامع الخمسة هناك تنوع وتمايز واختلاف في فروع التصورات والاجتهادات والمصالح والعادات والتقاليد والأعراف.
ولأن عالمية الإسلام قد جعلت منه ثورة تحريرية، دفعت الجيل المؤسِّس -منذ عصر الخلافة الراشدة- ليقود حربًا تحريرية لشعوب الشرق من قوى الهيمنة والقهر الحضاري في ذلك التاريخ (الفرس والروم)، فلقد بدأ -منذ ذلك التاريخ- مسلسل العداء الغربي للإسلام؛ فالفرس قد دخلوا في الإسلام.
أما الروم ومن ورائهم أوربا، فلقد ظلوا يكيدون للإسلام، ويجيّشون الجيوش لغزو دياره ومحاربة دولة من القرن السابع الميلادي وحتى كتابة هذه السطور!!
ولقد عبّر عن هذه الحقيقة التي يغفل عنها أو يتغافل الكثيرون من أسرى التغرب في بلادنا - الكاتبُ والقائد الإنجليزي "جلوب باشا"، عندما قال: "إن تاريخ مشكلة الشرق الأوسط إنما يعود إلى القرن السابع للميلاد!!".
وهي كلمات كفيلة بإيقاظ النيام!.. ولأن الإسلام قد أنجز لأمته هذه الجوامع التوحيدية الخمسة -في العقيدة.. والشريعة.. والحضارة.. والأمة..
ودار الإسلام- وجدنا جبهة القتال الغربي ضد الإسلام وأمته تتعدد مواقعها وتتنوع أسلحتها لمنازلة ومغالبة جميع مقومات التوحيد والوحدة الإسلامية، تتزامل وتتآزر جميع الأسلحة والفصائل، مع التنوع والتخصص في منازلة كل جامع من جوامع التوحيد..
فحرب التنصير والمنصرين تركز على جامع العقيدة الإسلامية، وحرب العلمانية والعلمانيين تركز ضد الشريعة الإسلامية، ونزعة المركزية الحضارية الغربية تقاتل تميز الحضارة الإسلامية.
والمد الاستعماري -التقليدي منه والجديد، منذ حملة بونابرت وحتى طور العولمة- يقاتل لتفتيت أمة الإسلام ودار الإسلام، مستخدمًا في ذلك كل آليات أدوات التفتيت؛ بدءًا من الغزو المسلح وحتى اللعب بورقة الأقليات.
الكاتب: د. محمد عمارة
المصدر: موقع د. محمد عمارة